لأن الإتيان الذي هو الانتقال من موضع إلى موضع مستحيل في صفة الله تعالى، وقد رأيت لبعض من تكلم على معنى هذا الحديث أن قوله فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عائد على المنافقين دون المؤمنين وأن قوله: فيقولون وأنت ربنا عائد على المؤمنين دون المنافقين وهو تأويل خطأ فاسد بين الفساد، لا يصح بوجه مع بعده على لفظ الحديث. والله أعلم فهذا مثل صحيح ضربه الله عنه، وبالله التوفيق.
فيما كتب به عمر بن الخطاب إلى
الأجناد في أمر الأسواق قال مالك: كتب عمر بن الخطاب إلى الأجناد: إن الله قد أغنى بالمسلمين فلا تجعلوا النصارى في أعمالكم، يريد بذلك ألا يكونوا جزارين ولا صرافين ويبيع المسلمون لأن الله أغنى بالمسلمين وكثروا في أهل الإسلام ما أجزأ من بياعاتهم.
قال محمد بن رشد: إنما كتب عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بما كتب به من هذا لعلمه أنه مسئول عن رعيته، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته» الحديث، وإذا وجب على الإمام النظر لرعيته فيما يدخل عليهم به الضرر [في دنياهم كان النظر فيما به عليهم الضرر] في أديانهم أوجب، فمنع - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن يكون النصارى في أسواق المسلمين جزارين أو صرافين؛ لأن الجزارين من النصارى وإن كانت تحل ذبائحهم لقول الله عز وجل: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] ، فلا ينبغي للمسلم أن يأتمنه على تذكية ما غاب عليه ويتخذه في ذلك إماما، والصرافين يستبيحون الربا ويستحلونه، فإذا