إنك تجالس أقواما كأنه يعاقبه فيهم: يقول أهل دناءة، قال: فقال له علي بن حسين: إني أجالس من أنتفع به في ديني، وكان نافع رجلا يجد في نفسه، وكان علي رجلا له فضل في الدين.

قال محمد بن رشد: معنى قوله أهل دناءة: أهل دناءة في الحسب، فكان علي بن حسين لتواضعه يجالسهم وإن كانوا أهل دناءة في الحسب لعلو مرتبتهم في الدين، وقد قال عمر بن الخطاب: كرم المؤمن تقواه، ودينه حسبه، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها، فعليك بذات الدين» ، وبالله التوفيق.

[ترك التنعم مدة الشدة]

في ترك التنعم مدة الشدة وقال مالك: إن عمر بن الخطاب تألى ألا يأكل السمن حتى يحيى الناس من أول ما يحيون، فأكل الزيت فلم يلائمه، فأمر أن يطبخ له الزيت، فلما رأت ذلك امرأته عاتكة اشترت فرق سمن بستين درهما فقربته إليه، فقال: ما هذا؟ قالت: اشتريته بمالي، فقال لا آكله حتى يحيى الناس، قال: فكان عمر يقرقر بطنه وهو على المنبر حتى يسمع، فيقول: ما لك غيره حتى يحيى الناس.

قال محمد بن رشد: فعل عمر هذا لشدة إشفاقه على المسلمين وذلك نهاية منه في الخير والدين، وبالله تعالى التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015