تكن على عهد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ولا على عهد الخلفاء بعده، وإنما أحدثها الأمراء للخوف على أنفسهم، وقد قيل: إن معاوية بن أبي سفيان هو أول من اتخذ المقاصير في الجوامع، وأول من أقام على نفسه حرسا، وأول من قيدت بين يديه الجنائب، وأول من اتخذ الخصيان في الإسلام، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة، فاتخاذها في الجوامع مكروه، فإن كانت ممنوعة تفتح أحيانا وتعلق أحيانا فالصف الأول هو الخارج عنها اللاحق بها، وإن كانت مباحة غير ممنوعة فالصف الأول هو اللاحق بجدار القبلة داخلها، روى ذلك عن مالك.
وقوله: وجعل فيها تشبيكا يريد تخريما يرى منه ركوع الناس وسجودهم للاقتداء بهم، وقد مضى هذا في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الصلاة، وبالله التوفيق.
في الطلوع على منبر النبي
- عَلَيْهِ السَّلَامُ - بخفين قال مالك: استشارني بعض ولاة المدينة أن يطلع منبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخفين ونهيته عن ذلك، ولم أر أن يطلعه بخفين، فقيل له: فالكعبة؟ فقال: إن بعض هؤلاء الحجبيين ممن قدم علينا يذكر أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نهى أن يطلع أحد الكعبة بنعلين، فقيل له: فالرجل يجعلهما في حجرته؟ فقال: لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة من كراهيته أن يطلع أحد منبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بخفين أو نعلين للإمام أو غير الإمام، وأن يدخل أحد البيت بنعلين أو خفين؛ إكراما لهما وترفيعا وتعظيما، إذ من الحق أن ينزها عن أن يوطأ بالخفاف والنعال المتخذة لصيانة القدمين عن المشي بهما