يعمل في السقاية من السنة، فقال: لا والله، يريد ما هو من السنة، فقيل له: إنه قد كان على عهد أبي بكر وعمر، وقال: ما كان على عهدهما، ولو ذكرت لكلمت أمير المؤمنين حين قدم علينا فيه، يقول: ليقطعه، وكرهه كراهية شديدة.
قال محمد بن رشد: قد أنكر مالك أن يكون ذلك من السنة وأقسم على ذلك أن يكون على عهد أبي بكر وعمر، فكفى بقوله في ذلك حجة، واتباع رأيه في ذلك صواب ورشاد؛ لأن الرشد في إتباع السنة والأمر الماضي، وقد مضى هذا في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الحج، ومالك يكره للرجل شرب النبيذ وإن كان حلالا؛ مخافة الذريعة، ولئلا يعرض بنفسه سوء الظن، فكيف بعمله في السقاية، وبالله التوفيق.
قال مالك: واستعمل زيد بن أسلم على معدن بني سليم، وكان معدنا لا يزال يصاب فيه الناس من قبل الجن، فلما وليهم شكوا ذلك إليه، فأمرهم بالأذان وأن يرفعوا أصواتهم به، ففعلوا وارتفع ذلك عنهم، فهم عليه حتى اليوم، وأعجبني ذلك من مشورة زيد بن أسلم.
قال محمد بن رشد: إنما أمرهم زيد بن أسلم بذلك لما جاء في الحديث من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع النداء، فإذا قضى النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر» .. الحديث، فهو منه اهتداء حسن لما يذهب به ضرر