عمرو بن العاص أنه قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ، وقال: إن معنى قوله: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» أي ولا حرج في ترك الحديث عنهم، فأباح أن يتحدث عنهم؛ إرادة أن يعلموا ما كان فيهم من العجائب؛ لأن الأنبياء كانت تسوسهم كلما مات نبي قام نبي ليتعظوا بذلك، ورفع الحرج عنهم في ترك التحدث بخلاف التحدث عنهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه أخذ الميثاق عليهم في التبليغ عنه، فقال: «بلغوا عني ولو آية» ، وتأويله خلاف تأويل مالك له في هذه الرواية؛ لأن الظاهر من قوله أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أباح التحدث عنهم بما يذكر أنه كان فيهم من العجائب وإن لم يأت ذلك بنقل العدل من العدل إذا كان من الكلام الذي لا يدفعه العقل؛ إذ ليس تحته حكم فيلزم التثبت في رواته وبالله التوفيق.
في ترك قبول العطاء قال مالك: لما قدم ربيعة بن أبي عبد الرحمن على أبي العباس أمر له بجارية فأبى أن يقبلها، فأعطاه خمسة آلاف درهم يشتري بها جارية حين أبى أن يقبلها، فأبى أن يقبلها ورأيت ابن القاسم يعجبه فعل ربيعة ويستحسنه.
قال محمد بن رشد: لما أبى أن يقبل الجارية تأول عليه أنه إنما أبى من قبولها مخافة ألا تكون خلصت لبيت المال بوجه صحيح، فأمر له