على سوادها بيعا للثمرة قبل أن تخلق.
وقيل: إنه أبقاها بغير شيء أعطا الموجفين عليها، وإنه تأول في ذلك قول الله عز وجل في آية الحشر: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] الآية، وإلى هذا ذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه خلافا للشافعي في قوله: إنها تقسم كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أرض خيبر.
وقد اختلف على هذا في آية الفيء وآية الغنيمة التي في سورة الأنفال، فقيل: إنهما محكمتان على سبيل التخيير في أرض العنوة بين أن تقسم كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أرض خيبر مبينا لآية الأنفال أنها على عمومها، وبين أن تبقى كما أبقاها عمر بدليل آية الحشر، وإلى هذا ذهب أبو عبيد، وهو قول أكثر الكوفيين: إن الإمام مخير بين أن يقسمها كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أرض خيبر وبين أن يبقيها كما فعل عمر في سواد العراق.
وقيل: إن آية الحشر ناسخة لآية الأنفال؛ لأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بين بفعله في أرض خيبر أنها على عمومها في جميع الغنائم من الأرض وغيرها، وإلى هذا ذهب إسماعيل القاضي.
وقيل: إن آية الحشر مخصصة لآية الأنفال ومفسرة لها، ومبينة أن المراد بها ما عدا الأرض من المغانم، وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما قسم أرض خيبر؛ لأن الله وعدها أهل بيعة الرضوان، فقال: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: 20] فهي مخصوصة بهذا الحكم