المدونة، ولا ينبغي أيضا أن يستكتب القاضي من المسلمين إلا العدول المرضيين، وبالله التوفيق.
في أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يرد
الصدقة ويقبل الهدية قال مالك: بلغني أن سلمان أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصدقة في أول الإسلام، فردها عليه، وأتى بهدية فقبلها منه.
قال محمد بن رشد: الفرق في المعنى بين الصدقة والهدية أن الصدقة هي ما يقصد بها المتصدق الإحسان إلى المتصدق عليه والتفضل عليه، والهدية هي ما يقصد بها المهدي إكرام المهدى إليه وإتحافه بالهدية لكرامته عليه ومنزلته عنده إرادة التقرب منه، فالمتصدق يتفضل على المتصدق عليه وليس المهدي يتفضل على المهدى إليه، وإنما المهدى له هو المتفضل على المهدي في قبول الهدية، فنزه الله تبارك وتعالى نبيه عن الصدقة بأن حرمها عليه، وأباح له الهدية لما فيها من صلة المهدي وإدخال السرور عليه بتبليغه، أما ما قصد بهديته إليه فهذا حكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خاصته، لا تحل له الصدقة بوجه من الوجوه، ولا على حال من الأحوال.
وأما آله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنها تحرم عليهم الزكوات والكفارات التي هي أوساخ الناس، يغسلونها عنهم، لا صدقة التطوع جائز للرجل أن يتصدق على من شاء منهم بما شاء من ماله تطوعا.
والأصل في جواز ذلك ما روي «عن ابن عباس قال: قدمت عير المدينة فاشترى منه النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - متاعا فباعه بربح أواق من فضة، فتصدق بها على أرامل بني عبد المطلب» .
واختلف فيما أخرج الرجل تطوعا من ماله دون أن يجب عليه صدقة للمساكين هل لمفرقها أن يعطي منها لفقراء النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شيئا ويسوغ لهم