بعد العصر حتى تغرب الشمس، إلا أن صلاة المغرب قد وجبت بغروب الشمس، فلا ينبغي لأحد أن يصلي نافلة قبل صلاة المغرب؛ لأن تعجيل صلاة المغرب عند أول وقتها أفضل عند من رأى وقت الاختيار لها يتسع إلى مغرب الشفق، وهو ظاهر قول مالك في موطئه، وقد قيل إنه ليس لها في الاختيار إلا وقت واحد فلا يجوز أن تؤخر عنه إلا لقدر.
واختلف فيمن كان في المسجد منتظرا للصلاة هل له أن يتنفل بين الأذان والإقامة، فقيل ذلك له على ما حكاه مالك في هذه الرواية عن بعض من أدرك من الشيوخ، ومن حجتهم ما روى المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك قال: كان إذا نودي بالمغرب قام بباب أصحاب رسول الله يبتدرون السواري يصلون الركعتين، ومن حجتهم أيضا التعلق بظاهر ما روي عن النبي عليه السلام من قوله: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة. لمن شاء» على ما تأولوه من أنه أراد بذلك ما بين كل أذان وإقامة؛ لأن الإقامة أذان.
وقيل: ليس ذلك له، وهو مذهب مالك على ما روى ابن القاسم عنه في هذه الرواية من قوله: لا يعجبني هذا العمل.
وما ذهب إليه مالك من كراهة ذلك أظهر لثلاثة أوجه.
أحدها: حماية للذرائع؛ لأن ذلك لو أبيح في الناس فكان ذلك سببا لتأخير المغرب عن وقتها المختار، وعن أول وقتها المختار على مذهب من رأى لها وقتين في الاختيار.
والثاني: ما روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قال: «عند كل أذان ركعتان ما خلا صلاة المغرب» .