بعد البعث للحساب، وهذه النار التي تسوق الناس إلى أرض المحشر هي أول شرط من شروط الساعة الكبار التي تكون بين يدي الساعة كالدابة والدخان وياجوج وماجوج والدجال، وطلوع الشمس من مغربها، يبين هذا قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أول أشراط الساعة بأن تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، ذكر البخاري في الترتيب، وخرج من رواية أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» ، وهذا الحديث يشهد لصحته قول كعب الأحبار الذي يأتي بعد هذا في هذا الرسم من أن الساعة لا تقوم إلا على شعل نار بهذا الوادي، يعني وادي سرواغ بأكناف قديد، نار تضيء منه أعناق الإبل بأيلة، فيحتمل أن تكون هذه النار هي التي تبعث بأرض اليمن فتسوق الناس إلى أرض المحشر فتمر في طريقها على الحجاز على وادي سرواغ بقديد، ويحتمل أن تكون نارا أخرى، والله أعلم بحقيقة ذلك.

وأما أشراطها المؤذنة بقربها فكثيرة، من ذلك انشقاق القمر في حياة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على ما روي، قال الله عز وجل: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] ومنها رمي الشياطين بالشهاب، ومنها موت الفجاة، والتطاول في البنيان، ومنها يؤتمن الخائن ويخون الأمين، وأن تلد الأمة ربها وربتها، وأشياء كثيرة أتت بها الروايات عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

والنبي أيضا من أشراطها إذ هو آخر الأنبياء لا نبي بعده، وقد قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «بعثت أنا والساعة كهاتين» ، وأشار بأصبعيه التي تلي الإبهام والأخرى، يريد أن قيام الساعة متصل بانقراض أمته إذ لا نبي بعده، قال عز وجل: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} [النحل: 77] على ما مضى فوق هذا، وبالله تعالى التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015