صومه في النذر، إلا أن يكون يوما مرغبا في صيامه، كيوم عاشوراء، وشبهه، فيخرج جواز صومه قبل النذر، على ما روي من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلى إذ نام عن صلاة الصبح في الوادي حتى طلعت الشمس ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح» . وأما على القول بأنه على التراخي كقضاء رمضان الذي قد وسع فيه إلى شعبان، فلا ينبغي له أن يتطوع بالصيام قبله، لوجهين: أحدهما: أن صيام التطوع لا يفوته، فهو إن بدأ به فاته فضل بتعجيل النذر. والثاني: مخافة أن يموت قبل أن يقضي النذر، فلا يتقبل منه التطوع، على ما جاء عن أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: لا تقبل من أحد نافلة - وعليه فريضة - حتى يؤديها؛ إلا أن يكون يوم مرغب في صيامه، كيوم عاشوراء. فالاختيار على قياس هذا القول: أن يصومه تطوعا قبل النذر؛ لأنه إن صامه للنذر، فاته فضل اليوم. وقيل: إن الاختيار أن يصومه للنذر؛ لأنه إن صامه تطوعا، فاته فضل تعجيل النذر، ولم يأمن أن يموت قبل أن يصوم النذر، فلا يتقبل منه الطوع على ما جاء عن أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وعلى هذا الاختلاف يأتي اختلافهم في: هل يصوم يوم عاشوراء من عليه صيام قضاء رمضان؟ على ما يأتي في رسم "المحرم" بعد هذا.
مسألة وسئل مالك: عن الرجل يعتكف فيمرض أبوه أو أمه، هل يخرج؟ قال: نعم، يخرج إليهما ويبتدئ اعتكافه، ورواها في كتاب إن خرجت.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الخروج إليهما من برهما، وبرهما فرض بنص القرآن، فهو آكد عليه مما دخل فيه من الاعتكاف،