الخير والشر مثقال ذرة يراه، فالذي يعمل مثقال القيراط من الخير والشر. يكون له من الخير وعليه من الشر زنة جبل أحد من مثاقيل الذر، ولا يعلم قدر ذلك من الثواب أو الإثم الذي يستحق عليه العقاب، إلا أن يغفر الله له، إلا يوم الجزاء والحساب؛ لأن الثواب ليس بجسم، يعبر بالوزن، وإنما هو تمثيل وتشبيه. وقد يمثل ما يعقل مما لا يوزن، ليفهم معناه ويعلم. فعقلنا بهذا الحديث أنه ينتقص من أجر مقتني الكلاب لغير ماشية ولا صيد كل يوم من الثواب، عدد ما في جبل أحد من المقدار الذي تفضل الله به على من عمل أدنى يسير من الخير. وهو مقدار الذرة. وفي قوله في الحديث: «من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية» دليل على أنه يجوز اقتناء كلب الصيد وكلب الماشية. والاقتناء لا يكون إلا بالاشتراء. ففيه دليل على جواز بيع كلب الماشية والصيد، وهو قول ابن نافع وابن كنانة وسحنون وأكثر أهل العلم، والصحيح في النظر؛ لأنه إذا جاز الانتفاع به، وجب أن يجوز بيعه، وإن لم يحل أكله، كالحمار الأهلي الذي لا يجوز أكله، ويجوز بيعه لما جاز الانتفاع به. وهو دليل هذا الحديث، على ما ذكرناه، خلاف ما قاله ابن القاسم، ورواه عن مالك، من أنه لا يجوز بيع كلب ماشية ولا صيد، كما لا يجوز بيع ما سواها من الكلاب، لنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن ثمن الكلب عموما.
وقد مضى الكلام على هذا مستوفى في سماع أبي زيد من كتاب جامع البيوع، وبالله تعالى التوفيق.
قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في غفار
وأسلم وعصية وحدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك، عن عبد الرحمن بن دينار، عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -