يقول: خرجنا مرابطين إلي الإسكندرية، فمررنا بجنان الليث بن سعد، فأكلنا من الثمر، فلما رجعت دعتني نفسي إلى أن أستحل ذلك من الليث، فدخلت إليه فقلت: يا أبا الحارث إنا خرجنا مرابطين، ومررنا بجنانك، فأكلنا من الثمر، فأحببنا أن تجعلنا في حل، فقال الليث: يا ابن أخي لقد نسكت نسكا أعجميا. أما سمعت الله يقول: {أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: 61] : فلا بأس أن يأكل الرجل من مال أخيه الشيء التافه الذي يسره بذلك. ومن أهل العلم من لم يجز له أن يأكل شيئا، وإن كان صديقا له إلا بإذنه. وهو مذهب مالك، - لأنه إذا لم يجز ذلك، وإن كان أباه أو أمه أو أخاه، فأحرى ألا يجيز ذلك إن كان صديقا. فيتحصل في المسألة إذ لم يحتج ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع، والفرق بين الصديق وغيره. وهو أعدل الأقوال، وأولاها بالصواب. وهذا في ثمر الحائط، دون لبن الماشية؛ لحديث عبد الله بن عمر في الموطأ في لبن الماشية. وقيل: بل ذلك في لبن الماشية وفي ثمر الحائط سواء، لحديث سمرة بن جندب الذي ذكرناه. وأما إذا احتاج فلا اختلاف في أنه يجوز له أن يأكل من ثمر الحائط الذي يمر به، ويحتلب من لبن الغنم الذي يمر بها ما يرد به جوعه من ذلك كله. وبالله تعالى التوفيق..
في الدؤابة للصبيان قال مالك: أكره الدؤابة للصبيان، وأن يترك بعض رأسه ويحلق بعضها.
قال محمد بن رشد: الدوابة للصبيان هي الناصية تترك في بعض رأس الصبي، ويحلق سائره، فكره ذلك لما جاء من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن القزع» . وهو حلق بعض الرأس دون بعض. فعم