قال محمد بن رشد: لم ير مالك لرجل إذا مر بجنان غيره أن يأكل من ثمره، وكذلك إذا مر بجنان أبيه أو أمه أو أخيه على ما يأتي له في صدر سماع أشهب بعد هذا. وإن أذن له في ذلك أجيره وأطعمه إياه؛ لأن الأجير لم يؤذن له بذلك. واستدل على ذلك بما ذكره من أن الرجل إذا مر براعي غنم لا يجوز له أن يشتري شيئا منها. واختلف هل يصدقه أولا يصدقه إذا زعم أنه أذن له في ذلك، أو كان ممن يشبه أن يؤذن له فيه؟ فقيل: إنه يصدقه إذا زعم أنه أذن له في ذلك، وكان ممن يشبه أن يؤذن له فيه. وهو قول مالك في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الضحايا. وقيل: إنه لا يصدقه وهو ظاهر ما في سماع أشهب من كتاب المديان والتفليس. واعتبر في المنع من أن يأكل الرجل من ثمار ما مر به من الحوائط بحديث النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الابن الذي أشار إليه، وهو قوله في حديث عبد الله بن عمر في الموطأ: «لا يحتلبن أحد ماشية أحد بغير إذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته، فينتقل طعامه؟، وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم، فلا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه» . وهو اعتبار صحيح؛ لأنه إذا لم يجز أن تحتلب ماشيته إلا بإذنه، واللبن يعود في الضروع كل يوم، فأحرى ألا يكون له أن يأكل من ثمر حائطه. وهو إنما يأتي من عام إلى عام. ومن الحجة له قوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] وقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يحل مال امرئ مسلم بغير طيب نفس منه» وقد فرق بين اللبن والثمار بأن اللبن