في كسر معاصر الخمر معناه: في معاصر المسلمين، لا في معاصر أهل الذمة. قاله مالك في رسم المحرم من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان. وهو صحيح؛ لأن أهل الذمة إنما بذلوا الجزية على أن يقروا في ذمتهم على ما يجوز لهم في دينهم، فلا يمنعون من عصر الخمر إذا لم يظهروها في جماعة المسلمين. وقوله أو كسر بعضها معناه: أنه ترك منها ما لم يتهم صاحبه على أنه إنما يعصر الخمر فيها ليشربها أو ليبيعها، لاحتمال أن يكون إنما يعصرها فيها ليخللها أو ليبيعها. وقول مالك قد تكون أشياء فيها رخص من تركها غير محرم لها فلا أرى به بأسا. كلام فيه نظر؛ لأن من ترك الرخص وتجنبها فقد أخذ بالاحتياط لنفسه، وذلك نهاية الورع، فلا يقال في مثل هذا: إنه لا بأس به، وإنما يقال فيه: إنه قد أتى ما يستحب له، فينبغي أن يتأول الكلام على أن فيه إضمارا، فيكون معناه من تركها غير محرم لها فقد أحسن لأنه مأجور على ذلك، ومن أتاها فلا بأس به أي لا إثم عليه في ذلك، وذلك في مثل أن يعصر الرجل الخمر ليجعلها خلا فلا بأس بذلك، إذ قد رخص فيه من أباحه، ومن لم يأخذ بالرخصة في ذلك فقد أحسن. وإلى هذا الوجه من الرخص ذهب مالك - والله أعلم- في قوله: وقد تكون أشياء بما دل عليه من جواز المسألة، وقد ذكرنا في كتاب الأشربة من المقدمات حكم تخليل الخمر وتخللها مستوفى لمن أراد الوقوف عليه.
في أكل الضب قال: وسئل مالك عن أكل الضب فقال: لا أرى بأكله بأسا.
قال محمد بن رشد: قوله: لا أرى في أكله بأسا، معناه مباح لا إثم في أكله. ولا جزاء في تركه. وقوله صحيح، للأحاديث الواردة فيه، منها حديث عبد الله بن عمر في الموطأ «أن رجلا نادى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فقال يا رسول الله: ما ترى في الضب، فقال رسول الله صلى الله