عن أبي هريرة، عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. فمن الرواة من أوقفه على سعيد بن المسيب، ومنهم من أوقفه على أبي هريرة، ومنهم من أسنده إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وهو الصحيح؛ لأن مثله لا يكون رأيا. وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله غليه وسلم أنه قال: اختتن إبراهيم بعد ما مرت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقدوم. والقدوم موضع، وقيل فيه: إنه الحديدة التي اختتن بها. روي عن عكرمة أنه قال: ختن نفسه بالفاس فصرف بصره عن عورته أن ينظر إليها. قال: فلم يطف بالبيت بعد على ملة إبراهيم إلا مختونا. والمعنى في صرفه بصره عن عورته، أنه فعل ذلك تكرما إذ لا حرج على الرجل في النظر إلى عورته. والختان طهرة الإسلام. روي عن المسيب بن رافع أنه قال: أوحى الله إلى إبراهيم أن تطهر فتوضأ، فأوحى الله أن تطهر فاغتسل، فأوحى الله إليه أن تطهر، فاختتن. فصار الختان من ملته وشريعته التي أمر الله نبيه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالتزامها حيث يقول: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] . أي الزموها. {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: 78] . الآية. روي عن ابن عباس أنه قال: الأقلف لا تؤكل له ذبيحة، ولا تقبل له صلاة، ولا تجوز شهادته. وروى أبو بردة عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الأقلف: «أنه لا يحج بيت الله حتى يختتن» . وفي الحديث من الفقه وجوب الختان على من أسلم كبيرا. فروي عن مالك أنه كان يرخص بذلك للشيخ الكبير، ولا يرى بإمامته بأسا، ولا بشهادته وذبيحته وحجه. وقال محمد بن عبد الحكم: إذا ضعف وخاف على نفسه، كان له أن يترك الختان. وقال سحنون: ليس له أن يتركه، وإن خاف على نفسه منه. ألا ترى أن الذي يجب عليه قطع يده، لا يترك عنه ذلك، وإن خيف عليه منه. وحد الختان عند مالك، إذا أدب على الصلاة ابن عشر سنين ونحوها. وكره الختان يوم السابع. قال: لأنه فعل اليهود. وروي أن إبراهيم عليه السلام ختن ابنه