اتباعا لحديث عائشة، وكره الكلام بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، أو قرب طلوعها. وأهل العراق على ضد هذا، يكرهون الكلام بعد طلوع الفجر إلى صلاة الصبح، ولا بأس بالكلام عندهم بعدها. قال أحمد بن خالد: والسنة ترد ما قالوه، وما قاله مالك من حديث عائشة يرد قول أهل العراق. وما روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من «أنه كان إذا صلى الصبح حول وجهه إلى الناس وقال: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا» وبالله التوفيق.
في تفضيل عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لركبة على الشام
وقال في تفسير قول عمر: بيت بركبة خير من عشرة أبيات بالشام. قال مالك: يريد بذلك الوباء بالشام وصحة ركبة.
قال محمد بن رشد: ركبة موضع بين الطائف ومكة، في طريق العراق، قاله ابن وضاح. وقال غيره: ركبة واد من أودية الطائف. وتفسير مالك للحديث صحيح. والمعنى فيه أن الأمراض تقل بركبة. وتطول أعمار أهلها بها في الغالب من أحوالهم، بخلاف الشام، التي ينتابها الوباء وتكثر فيها الأمراض بعادة أجراها الله في البلدين مع اختلاف الهواء فيهما، لا أن في ذلك للهواء تأثيرا. ولم ينكر قول القائل من الحكماء: هواء بلد كذا جيد مصح للأجسام. وهواء بلد كذا فاسد مولد للأمراض؛ لأن ذلك عندهم مجاز، ليس على ظاهره من الحقيقة؛ لأن الهواء لا يصح الجسم، ولا يولد فيه مرضا بحال، والفاعل لذلك كله إنما الله عز وجل، لكنه تعالى أجرى ما يفعله من ذلك كله على عوائد أمره عليها، فلما وجدت بلدان على مر الدهور والأزمان، يختلف هواؤها ويختلف أحوال أهلها فيها بالصحة