أرض الروم فغل رجل، فبعث مسلمة إلى سالم بن عبد الله فقال: حدثني أبي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يقول: " من أخذتموه قد غل فاضربوا عنقه وأحرقوا متاعه» وهذا ما لم يقل به أحد من فقهاء الأمصار، ويعارضه القرآن قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38] فإذا لم يجب على السارق في سرقة ما لا حظ له فيه، ضرب عنقه، فأحرى ألا يجب ذلك على من سرق من المغنم الذي له فيه حظ. وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: أن يكفر بعد إيمان أو يزني بعد إحصان أو يقتل نفسا بغير نفس» فاقتضى ذلك إسقاط القتل عمن سوى هؤلاء الثلاث نصا، فلا يصح أن يوجب القتل على الغال بهذا الحديث، وإن صح إلا أن يعلم أنه كان بعده، فيكون ناسخا له، لأنه إذا احتمل أن يكون قبله وأن يكون بعده، لم يصح أن يحمل على أنه كان بعده، لأن الدماء محظورة فلا تباح إلا بيقين.
في ركوع الإمام وغيره في المسجد بعد الجمعة قال مالك: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا صلى الجمعة انصرف من المسجد ولم يركع بعدها في مقامه شيئا. قال مالك: والإمام يفعل ذلك، فأما الناس، فمن شاء ركع، ومن شاء لم يركع، قال ابن القاسم: وأحب إلى غير الإمام أن يرجع إلى بيته فيصلي ركعتين.