لأن الله تعالى يعلم ما كان وما يكون، إذ قدْ قدَّره وقضى به ويعلم ما لم يكن لو كان كيف كان. قال عز وجلّ: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28] وهم لا يردون، إذ قد سبق في علم الله أَنهم لا يردون، فقد يود الرجل الشيء ويُحِب أَن يكون، فيدعو فيه، فيجيب الله دعاءه فيه، ويكون بما سبق من قضاء بذلك، وقد لا يجيب دعاءه ولا يكون إذا كان قد سبق من قضاء الله أَن ذلك لا يكون، وقد لا يدعو فيه فيكون أيضاً. ولا يكون بما سبق أيضاً من قضائه بأن ذلك لا يكون، أَو يكون.
فلو قال عبد الملك بن مروان: إن عزائِم الله وقضاياه لا مردود لها، لكان قوله صحيحاً، وإن لم يستجب للداعي فيما دعا فيه، أُجر في دعائه. فكتبت له به حسنات وكفرت عنه سيئات. لأنَه عبادة من العبادات.
في موقع الحسنة من قلب المؤمن
قال مالك: وبلغني أن ابن مسعود قال: لأن أَعلم أَن اللهَ قد قبِل مني حسنة، أحبُّ إلي ممَّا على الأرض.
قال محمد بن رشد: هذا اعتقاد صحيح، لأن ما على الأرض جميعاً لو كان له يموت ويتركه. والجزاء من الله عزَّ وجلّ على الحسنة المقبولة سرمداً أبداً لا نهاية له، فينبغي لكل مسلم أَن يُسر بقبول الله تعالى له حسنة واحدة أكثر ممَّا يسر بمتاع الدنيا كله لو أعطيه، وأَمكن أن يملكه وينفعه، لأنه متاع قليل، يموت ويتركه. وبالله التوفيق.
في المشرك يُسلم هل يُثاب على ما عمل من خير في حال شركه؟ وسُئل مالك عن عمل أَهل الشرك، أَبلغك أَنهم ما عملوا من خير كتب لهم بعد أن يسلموا حسناتٍ؟ فأنكر ذلك وقال: لا