عن ذلك ذو الجلال والِإكرام. وقد اختلف في تأويل الحديث، فقيل: بأن المراد بالعرش سريره الذي حمل كلليه، فيكون المعنى فيه: إِن الله أحياه معجزة للنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وأفهمه منزلته عند الله، فاهتز هيبة له، كما أحيا الجذع الذي كان يخطب إليه، إذ صنع له الكرسي فحنَّ إليه وجأر، حتى ارتجَّ له المسجد، وقيل: إن المراد به عرش الرحمن، وذلك مذكور في بعض الآثار، فقيل على هذا المعنى فيه: إنه اهتز حملته استبشاراً لقُدومه عليهم. خرج مَخْرَجَ: وَاسْأْل الْقَرْيَةَ أي أهلها. وَمَخْرَجَ قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبًّنَا وَنُحِبُّه» . أي يحبنا أهله ونحب أهله. وقيل المعنى فيه، اهتز حقيقة بأن أحياه الله، وأفهمه منزلته عنده، فتحرك هيبة له، ولا يلحق ذلك الله عز وجل، إذ ليس بمستقر عليه ولا يحويه مكان. وبالله التوفيق.
فيما كتب به عبد العزيز إلى ابنه عمر قال مالك: بلغني أن عبد العزيز كتب إلى ابنه عمر بن عبد العزيز وهو بالمدينة: إنَّه لا دين لمن لا نية له، ولا جديد لِمَن لا خِلقَ له، ولا مال لمن لا رفق له، وكأنه بلغه عنه إسرافٌ في الكسوة. فلقد رؤي بعد كتاب أبيه إليه، وإِن ثوبه لمرقوع.
قال محمد بن رشد: قوله لا دين لمن لا نية له صحيح، يشهد له قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنيَّاتِ» ومعناه نفي الانتفاع بالعمل دون نية، لا نفي العمل، فمن أسلم ولم تكن له نية في أعماله، فهو ضعيف الدِّين، ليس له دين ممدوح، وقوله: لا جديد لمن لا يلبس الخلق، حكمة صحيحة منه، لأنه إِن لم يضن ثوبه الجديد بالخلق خلق الجديد بسرعة، فلم يكن له جديد. وقوله: لا مال لمن لا رفق له،