قال محمد بن رشد: هذا كما قال، فهو مما لا اختلاف فيه، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 184] ... الآية، إلا أن مالكا يستحب له الصيام، ويكره له الفطر؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] .
مسألة قال: وبلغني أن رجلا له شرف صنع صنيعا، فدعا فيمن دعا حسين بن رستم الأيلي - وكان صائما، وأنه لما خف الناس من عنده، قال له: ألا ندعو لك بطعام؟ قال: إني صائم، فجعل يده عليه - ويديره على الفطر، ويقول: إنك ستصوم يوما آخر مكانه؛ فقال له حسين: إني بَيَّت الصيام، وإني أكره أن أخالف الله ما وعدته؛ وقال: يقال «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ، فإنك لن تجد فَقْد شيء تكرهه لله.
قال محمد بن رشد: إنما قال ما قال، فأبى أن يجيبه إلى ما أراده عليه من الفطر؛ لأنه رأى ذلك من المشبهات التي قال فيها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فمن اتقى المشتبهات استبرأ لدينه وعرضه» ، لاختلاف أهل العلم في جواز الفطر لمن أصبح صائما متطوعا، ولما جاء في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مما يدل على جوازه والمنع له؛ من ذلك: أنه قال: «إذا