قال محمد بن رشد: ظاهر قول عيسى ابن مريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن شرعه مخالف لشرع موسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قبله فيِ إباحة الحلف بالله عز وجل على الصدق، ومخالف لشرعنا أيضاً، لأن اللَّه تعالى قد أمر نبيه بالحلف باسمه في غير ما آيةٍ فقال: {قُلْ إِي وَرَبِّي} [يونس: 53] ، وقال: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3] وقال: قُلْ: {بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7] وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كثيراً ما يحلف لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَلَا وَمُقَلِّب الْقُلُوب. وَلا وجه لكراهة ذلك، لأن القصد إلى الحلف بالشيء تعظيم له، فلا شَك أن في ذكر الله تعالى على قصد التعظيم له أجراً عظيماً، ويحتمل أن يكون عيسى ابن مريم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنما كره لهم اليمين بالله صادقين وكاذبين، مخافة أن يكثر منهم، فيكون ذريعةً إلى حلفهم بالله على ما لم يقولوه يقيناً أو يواقعوا الحنث كثيراً ويقصروا في الكفارة، فيواقعوا الإثم من أجل ذلك، لا من أجل اليمين بالله.

وقد مضى في آخر سماع أشهب من كتاب النذور، لتكرر المسألة هناك.

[وصية لقمان لابنه]

في وصية لقمان لابنه قال مالك: وبلغني أن لقمان قال لابنه: يا بُنَيِّ جَالِس الْعُلَمَاءَ، وَزَاحِمْهُم بِرُكْبَتِكَ، فَلَعَلَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِم فَتصيبك مَعَهُم، وقال له في الفجار، في مجالستهم، مثل ما قال له في العلماء في الرحمة لئلاَّ ينزل عليهم سخط فيصيبك معهم.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين واضح ليس فيه ما يشكل وبالله تعالى التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015