هو يحاسبهم بما يعلمه من صدق نياتهم في ذلك، إذ لا يعلم حقيقة ذلك سواه. فإن اعتقدوا بقلوبهم ما قالوه بألسنتهم، كانوا مسلمين مؤمنين، وانتفعوا بإسلامهم، وإن لم يعتقدوه بقلوبهم، لم ينتفعوا بإسلامهم. وقد تكلمنا في صدر كتاب المقدمات على حكم الِإيمان والِإسلام والفرق بينهما عند من رآه وبالله التوفيق.
في جهل تارك غسل الجمعة قال مالك: بلغني عن ابن مسعود أنه سئل عن شيء فقال: لئن جهلت هذا لأنا أجهل من تارك غسل يوم الجمعة.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين لأنه لا يترك سنة الغسل يوم الجمعة إلا من جهل السنة في ذلك، ولم يعرف قدرها لمن التزمها، ولم يضيعها من الفضل في ذلك، أو علمه فحرم التوفيق. وَقَدْ وَبَّخَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَاب عُثْمَانَ بْن عَفانَ، إذْ جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: أَيَّةُ سَاعَةِ هَذِهِ؟ فَقَالَ يَا أميرَ الْمُؤْمِنِين: انْقَلَبْتُ مِن السُّوقِ، فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَمَا زِدْت عَلى أن تَوَضَّأت، فَقَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءَ أَيْضاً؟ وَقَدْ عَلِمْتَ أَن رسولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يَأمرُ بِالْغُسل. وبالله تعالى التوفيق.
في هل يكون الرجل أحق بمجلسه إذا قام عنه ثم رجع إليه؟ وسئل مالك عن الرجل يقومُ من المجلس، فقيل له: إن بعض الناس يزعم أنه إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه، إنه