العذاب. قال عز وجل: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11] إلى قوله: {رِجْزَ الشَّيْطَانِ} [الأنفال: 11] أي وسوسته، وهو الذي أراد ابن عمر بما دعا به. واللَّه أعلم، لأن من سلم من وسوسة الشيطان بعصيانه، وترك طاعته، فقد نجا، واستوجب جنة المأوى. فخير ما يدعو به العبد ويرغب فيه إلى ربه أن يعصمه من الشيطان الرجيم. وباللَّه التوفيق.
فيما ذكر عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أوصى به عن زيد بن أسلم أنَّ عمرَ بْنَ الْخَطَّاب قَالَ: أوصِيكُم بِالأنْصَارِ خَيْراً وأوصِيكُم بِالْعَرَب خَيْراً وَأوصِيكُم بَأهل الذِّمَةَ خَيْراً. وقال مالك عن يحيى بن سعيدَ، أن عمر بن الخطاب كان يقول: مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْضٌ فَلْيَعْمُرْهَا، ومن كان له مال فليصل فيوشك أن يأتي من لا يعطي إلا من أحب.
قال محمد بن رشد: المعنى في توصيته بمن وصى بهم أن يُحفظوا ويُراعوا ويُحسَن إِلى مُحسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم. وإنما أوصى بالأنصار لتقدمهم في الِإسلام، وسابقتهم فيه، ولأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أوصى بهم، وَدَعَا لَهُم وَلِأبْنَائِهِم، فَقَالَ: «اللَّهًمَّ اغْفِرْ لِلأنْصَارِ، وَلأِبْنَاء الأنْصَارِ» . وإنما خص العرب بالتوصية بهم دون غيرهم، من العجم، لمكانتهم من النسب، ولما خشِي أن يُجْهَلَ عليهم، لما في كثيرٍ منهم من الجهل، وإنما أوصى بأهل الذمة مخافة أن تُستخف إذايتُهم من أجل كفرهم. وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَداً أوْ ذِمِّيَاَ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وإنَّ رَائِحَتَها لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ» . وإنما