كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا في فروع الفجر؛ فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمرهما أن يزيدا في عدد الركوع، وينقصا من طول القيام؛ فكانا يقومان بالناس بثلاث وعشرين ركعة، وكان القارئ يقرأ بسورة البقرة في ثمان ركعات؛ فإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة، رأى الناس أنه قد خفف، فكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة، ثم شكوا ذلك لما اشتد عليهم، فنقصوا من طول القيام، وزادوا في عدد الركوع، حتى أتموا تسعا وثلاثين ركعة بالوتر، ومضى الأمر على ذلك من يوم الحرة، وأمر عمر بن عبد العزيز أن يقوموا بذلك، وأن يقرءوا في كل ركعة بعشر آيات، فكره مالك أن ينقص من ذلك، إذ لا ينبغي أن يحمل الناس على انتقاص الخير، وإنما ينبغي أن يرغبوا في الازدياد فيه، ويحملوا على ذلك إن أمكن، وكان بالناس عليه طاقة، وإليه نشاط، وبالله تعالى التوفيق.
ومن كتاب الشجرة مسألة وسئل: عن صيام العبد بغير إذن سيده، قال: لا بأس بذلك، إلا أن يكون مضرا بسيده.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن العبد مكلف، مثاب على طاعته، فليس لسيده أن يمنعه مما يثاب عليه، ولا يضر به؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار» ، فإذا لم يكن لسيده أن يمنعه، لم يكن عليه أن يستأذنه. وكذلك خادم الخدمة، بخلاف الزوجة، والسرية، وأم الولد، إلا أن يكون غائبا أو مسنا لا ينبسط للنساء، فلا إذن عليهن؛ وذلك