قال محمد بن رشد: اختلف قول مالك في أدنى الاعتكاف: فمرة قال أدناه يوم وليلة، ومرة قال أدناه عشرة أيام؛ وهو اختلاف في أدنى ما يستحب للرجل أن يعتكفه، إذ لا يقول أحد إن من نذر أن يعتكف ما دون عشرة أيام، يلزمه اعتكاف عشرة أيام على القول بأن أدنى الاعتكاف عشرة أيام، فبان بذلك ما قلناه؛ ويتصور الاختلاف في وجه آخر أيضا - وهو أن من نذر اعتكافا مبهما غير محدود، ودخل فيه ولم ينو شيئا، يلزمه يوم وليلة على القول بأن أدنى الاعتكاف يوم وليلة، أو عشرة أيام على القول بأن أدنى الاعتكاف عشرة أيام.
وقال ابن حبيب: أدنى الاعتكاف في الاستحباب يوم وليلة، وأعلاه في الاستحباب عشرة أيام، فجعل أعلاه في الاستحباب عشرة أيام على القول بأن أدناه يوم وليلة. ولم يتكلم في أعلاه في الاستحباب، على القول بأن أدناه عشرة أيام؛ والذي يصح أن يقال على هذا القول في أعلاه: إنه شهر كامل، ولا يستحب لأحد أن يعتكف أكثر من شهر، بل يكره ذلك له مخافة ألا يفي بشروطه. وقد «نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الوصال، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله، قال: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني» .
مسألة وسئل مالك: عن المعتكف يخرج ليلة الفطر من اعتكافه، أترى عليه إعادة؟ قال: لا. قال سحنون: لا أقول ما قال، وأرى ذلك يفسد اعتكافه؛ لأن ذلك سنة مجتمع عليها ألا يخرج وأن