النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قد نقله إلى غيره من الصحابة على المعنى، ولا يستوي جميعهم في ذلك، لتباينهم في العلم، فأمر ألا يحدث الصاحب بالحديث الذي لم يسمعه من النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلا أن يكون الذي حدثه به عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من فقهاء الصحابة، مخافة أن يكون نقله على المعنى الذي عنده، وليس كما ظنه. وفي الاحتياط في الانتقاء في ذلك بالاجتهاد تقليل الحديث عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كما أمر به عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وإذا شاركهم في إقلال الحديث، فقد شاركهم في الأجر على ذلك وباللِّه التوفيق.
في معاقبة من لم يشهد الجمعة والمنع
من البيع في يوم الجمعة وسئل مالك عن إمام بلد يأمر إذا فُرغ من صلاة الجمعة من يخرج، فمن وجد لم يحضر الجمعة، ربطه بعمد المسجد، فأنكر ذلك، ورأى أنه قد أخطأ، فقيل له: أفَيُمنعُ السوق قبل الأذان يوم الجمعة؟ قال: لا قد قال ذلك الرجل الصالح، حين جاء ولم يغتسل كنت في السوق، فأنت تعلم أن الأسواق قائمة على عهد عمر بن الخطاب، ورأى أنه أخطأ حين جاء إلى الجمعة ولم يغتسل، فإنما ذهب إلى السوق في حاجته، فأنت تعلم أن الأسواق كانت قائمة في زمن عمر بن الخطاب والذاهب إلى السوق عثمان، ولا أرى أن يمنع أحد يوم الجمعة الأسواق، يريد إلى انتصاف النهار قال ابن القاسم: وكذلك قال لنا مالك.
قال محمد بن رشد: إمام البلد الذي سئل مالك عن فعله أنكره، ورأى أنه قد أخطأ، هو عمر بن عبد العزيز واللَّه أعلم لأن هذه الحكاية ذكرها سحنون في نوازله من كتاب الشهادات وزاد فيها وعوقب. وقال: أراه عمر بن عبد العزيز. قال أصبغ: بل لا شك فيه أنه عمر بن عبد