أردت فرية وما أردت إلا كذباً، فإن حلف قال: رأيت أن يؤدب له.
قال محمد بن رشد: قال: إنه إن حلف أدب، وهو صحيح، لأنه سب يشبه أن يكون أراد به القذف. فإن حلف أنه لم يرد القذف، لم يسقط عنه الأدب الذي يجب عليه في السب، ولم يقل إن نكل عن اليمين: ما يكون الحكم فيه، والحكم في ذلك أن يسجن حتى يحلف، واختلف إن طال سجنه ولم يحلف فقيل إنه يؤدب ولا يحد، يريد أدَباً فوق الأدب الذي يؤدب إذا حلف وهو مذهب ابن القاسم. وقيل إنه يحد إذا طال سجنه ولا يحلف.
وقد مضى هذا المعنى في رسم الحدود من سماع أصبغ من كتاب الحدود في القذف وفي غير ما موضع واللَّه الموفق.
ما جاء عن صفوان بن أمية في تأليف النبي
- عَلَيْهِ السَّلَامُ - إياه بالعطاء قال مالك: بلغني «أن صفوان بن أمية وكان من المؤلفة قلوبهم وكان شريفاً. قال: لقد حضرت حُنْيْنا مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما أحد من الخلق أبغضَ إلي منه. فما زال يعطيني حتى ما كان أحد من الخلق أحب إِلي منه» .
قال محمد بن رشد: في هذا بيان موضع العطاء والإِحسان من النفس، وما له فيه من التأثير، ولعلم اللَّه عز وجل بذلك جعل للمؤلفة قلوبهم سهماً من الصدقة، ليسلموا فيسلم بإسلامهم مَن وراءهم. واختلف في الوقت الذي بُدئ فيه بائتلافهم، فقيل: قبل أن يسلموا لكي يسلموا، وقيل: بعد ما أسلموا كي يحبب إليهم الِإيمان، فكانوا على ذلك إلى صدرٍ من خلافة أبي بكر الصديق، وقيل إلى صدر من خلافة عمر، ثم قال لأبي