صحيح فقال فيها: الحج كله في كتاب الله تعالى. وأما الصلاة والزكاة فذلك مجمل فيه ولهذا وشبهه رأى الفقهاء قراءة الأصول أولى من قراءة المختصرات والفروع. وقد تقدم هذا كله في هذا الرسم من هذا السماع لتكرر المسألة هناك.
في الركوع بعد صلاة الجمعة
قال مالك: ليس من السنة أن يركع الِإمام بعد الجمعة في المسجد وأما غيره فليركع إن شاء.
قال الإمام القاضي: إنما قال مالك: ليس من السنة أن يركع الِإمام بعد الجمعة في المسجد لما بلغه من «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا صلى الجمعة انصرف ولم يركع في المسجد، وإذا دَخل بيته ركع ركعتين» وقع له ذلك في المدونة قال فيها: وينبغي للإِمام اليوم إذا صلى الجمعة أن يداخل منزله ويركع ركعتين، ولا يركع في المسجد.
وقال في هذه الرواية فيمن عدى الِإمام: إنه يركع إن شاء، فظاهر قوله فيها إباحة الركوع له دون كراهة، خلاف ما في المدونة من كراهة ذلك له، لأنه قال في كتاب الصلاة الأول منها: أنه لا يتنقل في المسجد، لكراهة ذلك بدليل قوله في كتاب الصلاة الثاني منها: أحب إلي أن ينصرف ولا يركع في المسجد. قال: وإِن ركع فواسع، لأنه إذا استحب ترك الركوع، فقد كره الركوع.
وقوله: وإن ركع فواسع، يريد: إِنه لا إِثم عليه ولا حرج إن فعل، فعلى ما في المدونة. إِن صلى أجر في صلاته، وإن قعد ولم يصل أجر في قعوده، لأن حد المكروه ما في تركه ثواب، كما أن حد المندوب ما في فعله ثواب.
وعلى ما في هذه الرواية، إِن صلى أجر في صلاته، وإن قعد ولم يصل لم يؤجر في قعوده. وقد كان من أدركنا من الشيوخ يحملون ما في كتاب الصلاة الأول من المدونة على ما في كتاب الصلاة الثاني منها، ويقولون: قوله: وإن ركع فواسع، يدل على أنه لم يكره له