وسلم قال: «مَكَّة كُلُّها مُبَاح لا تُبَاعُ وَلا تُؤَاجَرُ» ومن ذهب إلى أنها مؤمَّنة. والأمان كالصلح، وأن أهلها مالكون لرباعها. وأجاز لهم بيعها وكراءها. وهو قول الشافعي. ولا خلاف عند مالك وأصحابه في أنها افتتحت عنوة. إلا أنهم اختلفوا، هل من بها على أهلها فلم تقسم كما لم يُسبَ أهلُها لما عظم الله من حرمتها؟ أو هل أقرت للمسلمين؟. فعلى هذا جاء الاختلاف في جواز كرائها في المذهب، فروي عن مالك في ذلك ثلاثة روايات: إحداها المنع. والثانية الِإباحة. والثالثة كراهية كرائها في الموسم خاصة.

وقد مضى هذا كله في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الحج لتكرر المسألة هناك.

[حرق ما التبس من كتب الخصوم]

في استحسان حرق ما التبس من كتب الخصوم قال مالك: وقد كان قاض في زمن عثمان وأنه رُفع إليه كتب قد تقادم أمرها والتبس الشأن فيَها، فأخذها فأحرقها بالنار. فقيل لمالك: فَحَسَنٌ ذلك، قال: نعم. هذه الأمور لا أرى ما هي.

قال محمد بن رشد: معنى هذه الكتب إنها كتب في الخصومات، طالت المحاضر فيها والدعاوي، وطالت الخصومات حتى التبس أمرها على الحكام، فإذا احرقت قيل لهم: بينوا الآن ما تدعون، ودعوا ما تلبسون به من طول خصوماتكم، ووثقوا العمل علي وهو حسن من الحكم على ما استحسنه مالك.

وقد مضى هذا في الرسم من هذا السماع من كتاب الحج لتكرر المسألة هناك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015