للناس. والصحيح ما ذهب إليه مالك من أنه يرد عليه بما شاء من ذلك إذ قد جاء عن النبي الأمران معاً. وقد اختار الطحاوي وعبد الوهاب وغيره، يهديكم الله ويصلح بالكم على قوله: يغفر الله لنا ولكم. لأن المغفرة لا تكون إلا من ذنب، والهداية قد تعري من الذنوب. والذي أقول به: إن قوله: يغفر الله لي ولكم أولى إذ لا يسلم أحد من مواقعة الذنوب، وصاحب الذنب محتاج إلى الغفران، لأنه إِن هدي فيما يستقبل ولم يغفر له ما تقدم من ذنوبه، بقيت التَبَاعات عليه فيها، وإن جمعهما جميعاً. فقال: يغفر الله لنا ولكم، ويهديكم ويصلح بالكم كان أحسن وأولى إلا في الذمي إذا عطس، ويحمد الله فلا يقال له: يرحمك الله، وإنما يقال له: يهديك الله ويصلح بالك، لأن اليهودي والنصراني لا تغفر له السيئات، حتى يؤمن. ومما يدل على هذا ما رُوي: مِنْ «أن الْيهودَ كَانُوا يَتَعَاطَسونَ عِنْدَ النَّبيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَجَاءَ أنْ يَقُولَ: يَرْحَمُكُم اللهُ، فَيَقُولُ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُم.» واختلف في تشميت العاطس فقيل: هو واجب على كل من سمعه كرد السلام، وقيل هو ندب وإرشاد وليس بواجب. ولا اختلاف في أنه لا يجب تشميت العاطس إذا لم يحمد الله. وإنما أمر العاطس أن يحمد الله لما في العطاس من المنفعة ما لم يكن مضنوكاً على ما دل عليه قوله في الحديث: «إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ، ثمَّ إِن عَطسَ فَشَمِّتْه، ثَمّ إن عَطِسَ فَشَمِّتْهُ ثم إِنْ عَطَسَ فَقل: إنك مضْنُوكٌ. وقال عَبْدُ اللهِ بْنُ أبي بَكْر: لاَ أدرِي أبَعْدَ الثّالِثَةِ أو الرابِعَةِ.» ويقال: تشميت، وتسميت، وقال الخليل تسميت العاطس لغة في تشميته. وقال ثعلب: التشميت معناه: أبعد الله عنك الشماتة، وجنبك ما يشمت به عليك. وأما التسميت فمعناه جعلك الله على سمت حسن وبالله التوفيق لا إلهَ إلا هو رب العرش العظيم.