جواز المساقاة على ما ذهب إليه مالك وجميع أصحابه والشافعي، فهو حجة له في إجازتها وتبطل عند أبي حنيفة فيما ذهب إليه من أنها لا تجوز قوله: إنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما ساق يهود خيبر من أجل أنهم كانوا عبيدا للمسلمين، وبالله التوفيق.

[ما يفضل به العراق على الشام]

في ما يفضل به العراق على الشام قال: وسمعت مالكا يقول: أقدم معاوية بن أبي سفيان رجلا من أهل الدين والفضل الشام، فقال: سئل بعد ذلك: كيف وجدت الشام؟ فقال: ما رأيت إلا خيرا، إلا أن ظمأ الهواجر الذي كان يصيبني بالعراق لم أجده، وإني كنت أسمع المؤذنين يتجاوبون عند الصلاة، وإني أسمع هاهنا النواقيس، وإني كنت أجالس أقواما يتخيرون طيب الكلام، كما يتخير أطايب الثمر. قال سحنون: هو عامر بن عبد قيس.

قال محمد بن رشد: فضل العراق على الشام بثلاثة: أحدها: ظمأ الهواجر فيها، وهو شدة ما يصيب الصائم في صيامه فيه من أجل حره؛ لأن العراق بلاد حرارة، والشام بلاد باردة، والأجور في الأعمال على قدر ما يلحق العامل من المشقة فيها، فكأن الصيام في العراق أفضل من الصيام بالشام، ألا ترى أن أجر المتوضئ في الوضوء، في زمان البرد والشتاء أكثر من أجره في زمان الحر والصيف، وذلك بين من قوله في الحديث: «ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد» ... الحديث، والثاني: كثرة أهل الخير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015