يفهم به معاني الكلام ويعرف أقاويل العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وما اتفقوا عليه مما اختلفوا فيه، ويعرف وجه النطق والاجتهاد والقياس، ووضع الأدلة في مواضعها والترجيح والتعليل. وما تضمنته هذه الحكاية من أن سعيد بن المسيب كان أفقه من سليمان بن يسار هو المشهور الذي ذهب إليه مالك ومن أخذ بناحيته. وأما ربيعة وعبد العزيز بن أبي سلمة، ومن أخذ بناحيتهما وأهل الكوفة، فيقولون: سليمان بن يسار أفقههما، وقد قيل: إن الفقه كان له، والذكر لسعيد، فهما جميعا فرسا رهان في الفقه والدين والورع. وما حكاه عن سليمان بن يسار: من أنه كان إذا ارتفع الصوت في مجلسه أو كان مرا أخذ نعليه ثم قام - من أدل الدلائل على ورعه وخيره وفضله؛ لأن رفع الصوت في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكروه حتى في العلم، فقد كان رسول أمير المدينة يقف بابن الماجشون في مجلسه إذا استعلى كلامه وكلام أهل مجلسه، فيقول له: يا أبا مروان، اخفض من صوتك، وأمر جلساءك يخفضوا من أصواتهم. روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم وبيعكم وشراءكم وسل سيوفكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم، وجمروها أيام جمعكم، واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم» . وبنى عمر بن الخطاب رحبة بناحية المسجد تسمى البطيحاء، وقال: من أراد أن يلغط وينشد شعرا ويرفع صوته، فليخرج إلى هذه الرحبة. والمراء في العلم منهي عنه. فقد جاء: أنه لا تؤمن فتنته، ولا تفهم حكمته. وبالله التوفيق.
في أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يحل ولا حرم إلا ما في كتاب الله قال مالك: بلغني أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال