ذلك، وليس ارتداد أبيهم قبل أن يولدوا ارتدادهم؛ لأنهم على النصرانية ولدوا، فأحسن ذلك أن يجبروا إذا كانوا صغارا إن أطاعوا، وإن كبروا تركوا على دينهم، وقال ابن كنانة في ولد المرتد إذا قتل: إنه يعقل عنه المسلمون، ويصلون عليه إذا مات، فإن تنصر وعلم بأمره استتيب، فإن تاب وإلا قتل، وإن غفل عنه حتى يشيخ ويتزوج لم يستتب ولم يقتل.

قال محمد بن رشد: إنما قال ابن القاسم في ولد المرتد الصغار الذين ولدوا له قبل ارتداده: إنهم يستتابون إذا بلغوا ويكرهون على الإسلام، ولا يبلغ بهم القتل إذا كان أبوهم قد أدخلهم في نصرانيته؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه» فرأى لهذا الحديث إدخال أبيهم إياهم في نصرانية شبهة لهم تمنع من قتلهم إن أبوا الإسلام لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] ؛ لأنهم على دين قد أدخلهم أبوهم فيه، فوجب أن لا يقتلوا على التمسك به، وقول ابن القاسم في هذه المسألة يصحح تأويلنا في مسألة سماع محمد بن خالد المتقدمة، وأما ولد الذين ولدوا له بعد ارتداده، فاستحسن ابن القاسم أن يردوا إلى الإسلام إن أدركوا قبل البلوغ، وأرى أن يتركوا على حالهم، إن لم يدركوا حتى يبلغوا من أجل أنهم على الكفر ولدوا، فليسوا بمنزلة أبيهم في الارتداد؛ إذ لم يكفروا بعد إسلام منهم خلاف ما قاله ابن كنانة من أنهم يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا ما لم يشيخوا على الكفر ويتزوجوا عليه.

ووجه ما ذهب إليه ابن كنانة من أنهم يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015