قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يجبر على الإسلام إذا كان قد عقل دينه يدل على أنه يجبر عليه إذا كان لم يعقل دينه، وفي ذلك اختلاف كثير تحصل فيه ستة أقوال؛ أحدها: أنه يجبر عليه جملة من غير تفصيل. والثاني: أنه لا يجبر عليه جملة أيضا من غير تفصيل. والثالث: أنه يجبر عليه إذا لم يسب معه أحد أبويه، إذا لم يكن معه في ملك واحد، فإن سبي معه أحدهما لم يجبر عليه. الرابع: أنه يجبر عليه، وإن سبي معه أحد أبويه إذا لم يكن معه في ملك واحد. والخامس: أنه يجبر عليه إن لم يسب معه أبوه، ولا يلتفت في ذلك إلى أمه، فإن سبي معه أبوه لم يجبر عليه. والسادس: أنه يجبر عليه، وإن سبي معه أبوه، إذا لم يكن معه في ملك واحد وفرق بينهما السهمان، واختلف على القول بأنه يجبر في الموضع الذي يجبر فيه إن مات صغيرا قبل أن يعقل، هل يحكم له بحكم الإسلام في غسله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين على خمسة أقوال قد مضى تحصيلها في رسم الشجرة، تطعم في سنة من سمع ابن القاسم من كتاب الجنائز.
وأما إذا سبي وقد عقل دينه، فلا أذكر نص خلاف فيما ذكروه من أنه لا يجبر عليه، وقد يدخل في ذلك الاختلاف بالمعنى على بعد، وهو أن لا يعتبر بكونه ممن يعقل دينه على قياس القول، بأنه لو أسلم في هذه الحال لم يعتبر بإسلامه، فيكون لسيده أن يجبره على الإسلام، والأظهر ما قاله في الرواية من أنه لا يجبر على الإسلام، ولقوله عز وجل: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] ، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل عن رجل تزوج نصرانية، فولدت له أولادا، فلما بلغوا قالوا: لا نسلم، فماذا ترى عليهم؟ قال: يجبرون على الإسلام على ما أحبوا أو كرهوا، ولا يبلغ بهم القتل.