مسألة قال ابن القاسم: ولو أن رجلا قذف رجلا بالزنا فلما أرادوا أن يقيموا عليه حد الفرية قال: أنا آتي بالمخرج مما قلت، فأتى بأربعة شهداء فشهدوا عليه، قال: يضرب المقذوف ولا شيء على القاذف لأنه قد أتى بالمخرج مما قال، قيل له: فإن نزع أحد من الشهود الأربعة؟ قال: يضرب المقذوف ولا شيء على القاذف؛ لأنه قد برئ أولا وتمت الشهادة، فليس نزوع أحد الشهود بالذي يوجب عليه الحد، وقد برئ منه أولا، وكذا لو نزع الأربعة ضربوا كلهم الحد ولا شيء على القاذف.
قال محمد بن رشد: قوله: إذا أتى بأربعة شهداء فشهدوا يضرب المقذوف الذي نزع يريد يحد حد الزنا: الجلد إن كان بكرا أو الرجم إن كان ثيبا، وقوله: ولا شيء على القاذف؛ لأنه قد أتى بالمخرج مما قال وهو كما قال بدليل قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] لأن فيه دليلا هو كالنص لإجماع العلماء عليه أنه إن أتى بأربعة شهداء سقط عنه الحد، وأما قوله: إنه إن نزع أحد الشهود الأربعة يضرب الذي نزع ولا شيء على القاذف فمعناه: يضرب الذي نزع وحده ولا شيء على القاذف وذلك إذا رجع واحد منهم بعد أن شهدوا كلهم وتمت الشهادة، وكذلك إن رجعوا كلهم بعد أن شهدوا وتمت الشهادة، وأما إن رجع واحد منهم قبل أن تتم الشهادة مثل أن يشهد ثلاثة فيرجع الواحد منهم ثم يأتي الرابع فيشهد؛ فإنهم يحدون كلهم إذ لم تتم الشهادة ويحد القاذف إلا أن يأتي