فيغسلها وينشرها يجففها فيسرق منها وهو معها لعمله أن يكون مشتغلا ببعضها يغسله وما أشبه ذلك مما يعالج إلا أنه معها أترى على من سرقها قطعا؟ ففكر فيها طويلا ثم قال: لا أرى في ذلك قطعا، وإنما مثل ذلك عندي الغنم، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أواها المراح أو الجرين» فالغنم قد يكون معها صاحبها يرعاها وهي في الرعي فليس على من سرقها قطع فهذا عندي يشبهه، ولا أرى على من سرقها قطعا، وسئل مالك عن الصباغين الذين يأخذون أمتعات الناس من القطف والثياب الصوف والقطن يصبغونها ألوانا فينشرونها على حبال يمدونها على حوانيتهم في الطرق فيسرق بعض ما على بعض تلك الحبال أترى أن يقطع من سرق مما عليها شيئا؟ قال: ذلك عندنا مثل ما وصفت لك ولا أرى فيها قطعا، ولعله يذهب ويتركها أو يطرحها الريح وما أشبه هذا، فلا أرى في ذلك قطعا.

قال محمد بن رشد: شبه مالك المسألة الثانية بالأولى فلم ير فيها قطعا، وموضع الشبه بينهما أنها في المسألتين جميعا ثياب موضوعة في غير ملك لا حارس عليها؛ لأن الغسال الذي نشر ثيابه يجففها بعد أن غسل بعضها إنما هو مشتغل بغسل ما بقي منها لا يحفظ ما نشر منها، فأشبهت عنده الغنم في الرعي وإن كان معها راع؛ لأن الراعي لا يحوط بحفظها من السرقة لانتقالها بالرعي من موضع إلى موضع كما لا يحوط الغسال بحفظ ما نشر من ثيابه من السرقة لاشتغاله بغسل ما سواها، ولو كان معه من يحفظ كل ما نشر منها ما دام هو يغسل بقيتها لوجب القطع على من سرق شيئا منها، وكذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015