تمام حقه كما قال أصبغ، وبالله التوفيق.
مسألة قال أصبغ: سألت ابن القاسم عمن قطع يد رجل من المنكب ويد آخر من الكف، فقام به صاحب المنكب فقطع، ثم جاء الآخر أنه لا شيء له؛ لأن القطع الأول يأتي على القود لهما جميعا، وإن قام به صاحب الكف أولا فقطع له، ثم جاء صاحب المنكب لم يكن له إلا أن يقطع ما بقي من العضد فقط، قال أصبغ مثله، وأحب إلي ألا يقطع له لعذابه وقطع أرابه مرتين في فور واحد، ويعقل له ما بقي إلا أن يشاء أن يمكنه من نفسه لذلك ويأبى العقل فليس عليه غير ذلك إن شاء الله.
قال محمد بن رشد: أما إذا قام به صاحب المنكب أولا فقطع له فبين أنه لا شيء للثاني؛ لأن الذي كان حقه فيه قد ذهب، وأما إذا قام به أولا صاحب الكف فقطع له ثم جاء الثاني فقول ابن القاسم الذي قال به أصبغ أولا أنه ليس له إلا قطع ما بقي من العضد هو الصحيح في النظر، وأما ما استحسنه أصبغ ورجع إليه من أنه لا يقطع له ما بقي من العضد ويعقل له ما بقي إلا أن يشاء أن يمكن من نفسه لذلك ويأبى العقل فليس عليه غير ذلك فهو بعيد، وما اعتل به في ذلك من أنه لا يعذب مرتين في قود واحد ليست بعلة صحيحة؛ لأنه قد عذب هو كل واحد منهما بالقطع، فواجب أن يعذب بالقصاص مرتين؛ لأن ذلك حق لرجلين، ولو قال إن الخيار في ذلك للذي قطعت يده من المنكب بين أن يقتص فيقطع ما بقي من العضد وبين أن يأخذ العقل لكان لذلك وجه؛ لأن من حجته أن يقول لا أقطع بقية عضوه بيدي الكامل، ولو قاما معا لكان الأشبه أن يقتص لهما جميعا قصاصا واحدا فيقطع يده لهما جميعا من المنكب؛ لأن القصاص للذي قطع يده من الكوع، وفي ذلك اختلاف، فقد قال أصبغ فيمن قطع أصابع رجل ثم قطع كفه تلك التي