قال محمد بن رشد: إنما لم يعتق العبد على ورثة أبيه الحر إذا قتله عمدا فأسلم إليهم وهو ممن يعتق عليهم؛ لأنه لم يجب لهم رقبة العبد، وإنما وجب لهم قتله بأبيهم إن كانوا ولده، أو بأخيهم إن كانوا إخوته، فإن لم يريدوا أن يقتلوه بيع لهم وأعطوا ثمنه، وقال إنه يعتق عليهم إن كان قتله خطأ من أجل أن رقبة العبد هي الواجبة لهم؛ إذ لا قصاص في الخطأ، فإن أخذوها في الجناية على أبيهم عتق عليهم، فهذا هو وجه تفرقته بين العمد والخطأ في القتل، ألا ترى أنه لما كانت الجراح لا يجب فيها دم العبد، وإنما تجب فيها للمجروح رقبته إلا أن يفتكها سيده بدية الجرح استوى في ذلك العمد والخطأ، وتفرقته بين العمد والخطأ بقوله؛ لأنه يعذر في الخطأ ولا يعذر في العمد يرجع إلى هذا الذي ذكرناه من الفرق بين العمد والخطأ في القتل؛ لأن قوله: لأنه يعذر في الخطأ ولا يعذر في العمد إنما معناه أنه في القتل الخطأ يعذر فلا يقاد منه، فيجب لهم فيه رقبة العبد، وفي العمد لا يعذر فيقاد منه فلا يجب لهم فيه إلا دم العبد، ولو كانت العلة في أنه يعتق في الخطأ أنه يعذر فيه، وفي أنه لا يعتق في العمد أنه لا يعذر فيه لافترق العمد من الخطأ في الجراح أيضا.

ولم يبين يحيى بن يحيى هذا الفرق وظن أن العلة في أنه لم يعتق عليه في العمد من جهة أن القاتل عمدا لا يرث من قتل، فاعترض على ابن القاسم بقتل الخطأ إذا لم يكن للمقتول مال بقوله: قلت أرأيت إن لم يكن للمقتول مال، وأنتم إنما رأيتم أنه إذا أسلم في العمد لم يعتق لما مضى من السنة أنه «لا يرث قاتل من قتل» إلى قوله: إنما هو كمن ورث دية من قتل خطأ، فلم يجبه على اعتراضه بشيء، والجواب عن ذلك أن نقول له: إنما لم نقل إنه لا يعتق من أجل ما مضى من السنة أنه «لا يرث قاتل من قتل» وإنما قلنا ذلك من أجل أنه لا يجب لهم رقبة العبد، وإنما يجب لهم دمه، وقول سحنون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015