أهل الغنى منهم، ويرى أن يؤخذ ذلك الجزء الذي يقتضي من عام قابل؟ فقال: أعدل ذلك ألا يؤخر لقابل من الجزء الأول بشيء، ولكن يجبر غرم ذلك على أهل الغنى من العاقلة.

قال محمد بن رشد: أما من ارتحل عن البلدة التي وجبت فيها الدية على الجاني قبل فرضها فلا اختلاف أحفظه في أنه لا شيء على المرتحل قبل فرضها إلا أن يرتحل فرارا منها فيلحقه حكمها حيث كان، وذلك يروى عن ابن القاسم وغيره، وكذلك من مات قبل فرضها لم يلزمه شيء من حكمها، ومن ارتحل إلى ذلك البلد من قبيل الجاني قبل فرض الدية لزمه حكمها، وإن كان ارتحاله بعد وجوبها، فإن ارتحل إليه بعد فرضها لم يلزمه شيء من حكمها؛ لأن الحكم في الدية أن تفرض على من كان في بلد الجاني من قبيلته يوم فرضها حيا بالغا ذكرا عاقلا غير مجنون، وأما إذا وضعت ووظفت فلا يسقط عمن غاب أو ارتحل ما صار عليه منها، ويؤخذ به حيثما كان.

واختلف إن أعدم على قولين، أحدهما: أنها تسقط عنه بالعدم ولا يحاص بها الغرماء ويرد ذلك على بقية الغرماء العاقلة أو يجزأ على الأغنياء منهم على ما اختاره ابن القاسم في هذه الرواية، والثاني أنه يتبع بما لزمه منها في ذمته ولا يرجع ذلك على العاقلة، وهو مذهب ابن الماجشون وسحنون.

واختلف إن مات على ثلاثة أقوال، أحدها قوله في هذه الرواية: إنها لا تؤخذ من ماله وإن كان له مال، ويرد غرم ذلك على بقية العاقلة أو يجزأ على أهل الغنى والوفر منهم، والثاني: أنها تؤخذ من ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال أو كان له مال وعليه دين يستغرق ماله سقطت، ولم يحاص بها الغرماء، وجزئت على بقية العاقلة أو على أهل الغنى منهم، والثالث: قول ابن الماجشون وسحنون أن الدية إذا فرضت على العاقلة فقد وجبت على من فرضت عليه كثبات الدين لا يسقط بموت ولا فلس، فيتبع بها العديم في ذمته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015