بقي بعد الدين للمدبرين ولأهل الوصايا وإن أحاطت وصاياهم بذلك أو بما أحاطت منه، ويكون ما بقي ميراثا لورثته يجوز عفوهم وقضاؤهم فيه، وأما إذا كان القتل عمدا فعفوا عن جميع الدم والدية فليس لأهل الدين ولا للمدبرين ولا لأهل الوصايا قليل ولا كثير، لأنهم إنما عفوا عن دم ولم يعفوا عن مال.

قال محمد بن رشد: قوله في هذه المسألة: هذا مخالف للدين؛ لأن الدين يخرج من رأس المال والمدبر لا يخرج إلا من الثلث، صحيح في أنهما يفترقان في أن أحدهما من الثلث والآخر من رأس المال، إلا أنهما وإن افترقا في هذا فهما يجتمعان في أنهما جميعا مفضوضان على ما علم به الميت من المال وعلى ما لم يعلم به مما أخذه أحد الوليين من الدية، فالقياس في المدبر أن يكون سبيله سبيل الدين، كما قاله بعض من قاله، فيفض قيمة المدبر على الخمسمائة دينار يريد وعلى قيمته، فإن كانت قيمته في التمثيل مائة عتق منه سدسه في قيمته وخمسة أسداسه في الخمسمائة، فيرجع الذي عفا على الذي لم يعف وأخذ الخمسمائة بخمسة أسداس قيمة المدبر، ولا يمتنع أن يكون الذي عفا في هذا أحسن حالا إذا لم يعف صاحبه وأخذ الدية منه أو قتلاه جميعا، ولم يأخذا دية ولو عفيا جميعا ولم يأخذ واحد منهما دية كما لم يمتنع أن يكون في الدين أحسن حالا إذا أخذ أحدهما دية منه إذا قتلا جميعا، ولم يأخذا دية ألا ترى أنه لو ترك مائة وعليه دين مائة إن قتلاه جميعا لم يحصل له من المائة شيء؛ لأن الدين يكون أولى بها وأن أخذ أحدهما دية كان الدين مفضوضا على المالين فيحصل له نصف ما بقي منهما بعد ما نابهما من الدين، فقول المخالف هذا القياس، وقول ابن القاسم استحسان.

وقوله: وهذا كله إذا كان القتل عمدا إلى آخر المسألة صحيح بين لا إشكال فيه ولا موضع للقول، لأن الدية في الخطأ واجبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015