نكلوا عنها فردوا الأيمان فيها لم يكن لهم أن يرجعوا إليها باتفاق، وسيأتي في أول رسم من سماع عيسى تحصيل الاختلاف على من ترجع الأيمان في القسامة إذا ردت في العمد والخطأ، وفي أي موضع ترجع باتفاق وعلى اختلاف إن شاء الله تعالى.

ولو نكلوا في القسامة عن الأيمان فردوها على المدعى عليهم فحلفوا فوجد الطالبون بينة تشهد لهم على القتل لجرى ذلك على الاختلاف في الذي ينكل عن اليمين مع شاهده فيرد اليمين على المطلوب فيحلف ثم يجد شاهدا آخر أو شهودا على حقه، وقد مضى تحصيل الاختلاف في ذلك في أول عبد ابتاعه فهو حر من سماع يحيى من كتاب الشهادات.

[مسألة: مات المحبوس في دم العمد]

مسألة قال مالك: من حبس في قتل خطأ أو عمد ثم مات قبل أن يقسم عليه إنه يبطل العمد ولا يقام عليه ولا يبطل الخطأ يقسمون ويأخذون الدية، وقد قيل لا يحبس أحد بقتل الخطأ.

قال محمد بن رشد: قوله إذا مات المحبوس في دم العمد إنه يبطل ولا يقام عليه يريد أنه لا يقام عليه حكمه من أخذ الدية من ماله بعد القسامة عليه، وأما القصاص فيستحيل أن يقام عليه بعد موته فلا معنى لقوله إنه لا يقام عليه إلا ما ذكرته، وهذا عندي على القول بأنه ليس لولي المقتول أن يأخذ الدية من القاتل شاء أو أبى، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك، وأما على القول بأن من حقه أن يأخذ الدية منه شاء أو أبى وهو قول أشهب وأحد قولي مالك على ما ثبت من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودي، وإما أن يقاد» فلا يبطل الدم بموته قبل القسامة ويكون من حق الأولياء أن يقسموا بعد موته فيستحقون الدية في ماله.

وأما الدم الخطأ فلا إشكال ولا اختلاف في أنه لا يبطل بموت القاتل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015