فوقع عليهم ثلاثتهم ثلث الدية فيصير على كل إنسان ثلث الثلث من الدية وهو تسع الدية، فذلك تحمله العاقلة، قال: ولم يكن الأحرار إلا واحدا فوقع عليهم أكثر من الثلث أو أقل فهو على العاقلة في ثلاث سنين، وكان على العبيد ما بقي منها، يقال لأربابهم افتدوهم بما يقع عليهم من الدية في ثلاث سنين أو أسلموهم أي ذلك شاءوا فعلوا.
ويقسم ما يقع على العبيد على عددهم ولا يكون ذلك على قيمتهم فمن شاء من أرباب العبيد أن يفدي عبده بما يقع عليه من الدية وإن كانت قيمته أكثر مما وقع عليه فذلك له، ومن شاء منهم أن يسلمه بما وقع عليه وإن كانت قيمته أقل مما يقع عليه فذلك له.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه الرواية إن ما وقع على الأحرار من ثلث الدية فأكثر يكون على عواقلهم وإن كان أقل من الثلث هو خلاف روايته عن مالك مثل رواية أشهب عنه، حكى اختلاف قوله في ذلك ابن المواز، قال إن وقع على الأحرار أقل من ثلث الدية فذلك في أموالهم، قاله مالك مرة وروى عنه أن ذلك على العاقلة في ثلاث سنين، وبه قال سحنون، قال يحيى بن عمر: والأول رواية ابن القاسم والقولة الأخيرة رواها أشهب.
ولكلا القولين وجه من النظر، فوجه القول بأن ذلك على العاقلة القياس على ما أجمعوا عليه من أن الدية إذا وجبت على جماعة من الأحرار أنها على عواقلهم، وإن كان الذي يجب على كل واحد منهم أقل من ثلثها، ووجه القول بأن ذلك في أموالهم هو أن الأصل كان أن لا يحمل أحد جناية أحد لقوله عز وجل: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] .