محمد بن رشد: قوله في هذه المسألة وتكون أيضا للعامل الغلة كلها معناه إلى يوم بلغت النخل الحد الذي اشترط إتمام المغارسة إليه، وأما فيما بعد ذلك إلى حين الحكم فتكون الغلة بينهما كما اغتلاها، ولا شيء في ذلك على واحد منهما لصاحبه، لأن العامل اغتل النصف الذي قد ضمن بالقيمة، وصاحب الأرض اغتل النصف الآخر الذي قد صار بانقضاء أمد المغارسة إليه وتولى القيام لنفسه عليه.

وقوله: "فعليه كراء النصف لرب الأرض منذ يوم اغتلها" معناه أيضا إلى يوم بلوغ النخل الحد المشترط.

فأما قوله: ويكون على رب الأرض للغارس في نصف الذي ذهب أجرة عمله فيه إلى أن يبلغ الشباب الذي سمياه هلك بعد أو كان قائما وإن مات الغارس من قبل أن يبلغ ذلك الشباب فليس للغارس أجرة في غرسه نصف رب الأرض فإنه كلام لا يستقيم رده على ما تقدم من القول، بأن الغلة كلها للعامل، وعليه كراء نصف الأرض، وإنما يصح على القول بأنه يرد في نصف رب الأرض إلى إجارة المثل فيؤديها إلى العامل وتكون غلة ذلك النصف له لا للعامل، ويرد إليه مع ذلك قيمة الغرس يوم وضعها في الأرض، فهو خروج من قول إلى قول دون واسطة، وأراه سقط من الأم شيء من الكلام.

وأما قوله: "إن الغرس إن مات من قبل أن يبلغ ذلك الشباب للغارس أجرة في غرسه نصف رب الأرض" فهو قول سحنون ومذهبه، وخلاف المعلوم من مذهب ابن القاسم في المدونة وغيرها في أن له من الأجر بقدر ما مضى من العمل، وإنما اختلف قوله في ذلك في المدونة إذا كانت الإجارة بما لا يملك من الأرض كالقبر يستأجر الرجل على حفره في المقبرة.

فإن صح هذا الكلام والاحتجاج لابن القاسم يحصل من مذهبه في ذلك ثلاثة أقوال:

أحدها - أنه لا شيء له من أجرته إلا بعد تمام العمل.

والثاني - أن له من أجرته بحساب ما عمل.

والثالث - الفرق في ذلك بين ما يملك من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015