فيه فيها فالكراء إنما انعقد بينهما من يوم يمكنه وضع الغرس فيه فيها إذ لا منفعة له في الأرض قبل ذلك، وقبضه إياها للأقبض، وقيل من يوم وضع الغرس فيها وهو قوله في سماع يحيى بعد هذا، ومعناه عندي من يوم يمكنه وضع الغرس فيها، فليس رواية يحيى على هذا بمخالفة لرواية عيسى فتدبر ذلك تجده صحيحا.
وقد كان الشيوخ يحملون ذلك على أنه اختلاف من القول فلا يوجبون عليه الكراء في رواية يحيى إلا من يوم وضع الغرس في الأرض، وإن كان أخذها، وقد أمكنه وضع الغرس فيها، وهو محتمل، وأما إن كان أخذها قبل أن يمكنه وضع الغرس فيها فلا يصح أن يكون عليه الكراء من يومئذ، وقيل من يوم أثمر النخل وهو قوله في لسماع أبي زيد وسماع حسين بن عاصم بعد هذا من هذا الكتاب.
وجه قوله في هذه الرواية ورواية يحيى أنه كراء فاسد قد فات بانتفاع المكتري به؛ فوجب أن تكون عليه قيمته من يوم قبضه، وهو يوم يمكنه الانتفاع بما قبض.
ووجه رواية أبي زيد وحسين أن الأمر لما لم ينعقد بينهما نصًّا على كراء فاسد ولا على أن يكون عليه كراء أصلا فصرفناه إلى حكم الكراء الفاسد لم يجعل عليه الكراء إلا من يوم انتفاعه بالأرض، وهو يوم أثمرت النخل، والقول الثاني يحكم له بحكم الإجارة الفاسدة، لأنه كأن رب الأرض استأجر الغارس على أن يغرس له هذه الأرض بنصف ثمرتها فيكون الحكم في ذلك أن يكون للغارس على رب الأرض قيمة غرسه يوم وضعه في الأرض مقلوعا وأجرة مثله في غرسه وقيامه عليه، وتكون الغلة كلها لرب الأرض يرد عليه الغارس ما أخذ منها: المكيلة إن عرفت أو خرصها إن جهلت.
وهذا الاختلاف مبني على ما غرسه الغارس من الغرس هل هو على