صاحبه، وهذا الذي قاله أبو إسحاق التونسي صحيح؛ كأن وجه القول في كون الزرع في المزارعة الفاسدة لصاحب البذر هو بقاء يده على بذره مع شريكه فلم يبن بحصته منه بينونة صحيحة، هذا وجه القول في هذه المسألة.

وقد قال ابن دحون فيها: هذه مسألة مشكلة؛ لأنه أبطل ما قد تراضيا به، وإنما ذلك لأنهما لما القمح من السوق وكانا كأنهما إنما اشتركا بالأثمان التي اشتريا بها. فردها إلى تساوي الأثمان، ألا ترى أنه لو ضاع ما اشترى أحدهما قبل شراء الآخر كان عليهما إذا اشتراه للزراعة وللشركة التي عقدا حول ذلك على أنهما إنما اشتركا بأثمان ما اشتريا، فردهما إلى التساوي، ولو كان ثمن القمح الرديء مثل القمح الجيد لم يتراجعا إذا تراضيا، ولو كان ثمن الرديء أكثر من ثمن الطيب لرجع على صاحب الطيب بما فضله إذا تراضيا أولا، ولو كان القمح أخرجه كل واحد منهما من داره ولم يشتره وتراضيا بجيده ورديئه لم يكن لأحدهما رجوع في ذلك، وإنما جاز له الرجوع لما اشتريا من السوق فصار إنما اشتركا بالأثمان فيها وتراجعا.

هذا نص قول ابن دحون، وهو كلام مختل الوجه له؛ لأن لفظ الشركة تقتضي التكافؤ فيما يخرجه كل واحد منهما عوضا عما يخرجه صاحبه، فإذا رضي أحدهما بعد عقد الشركة بأن يخرج صاحبه أدنى من القمح الذي يخرج هو، فقد يفضل بنصف ما زادت قيمة طعامه على طعام صاحبه، وكان ذلك على القول بأن العقد غير لازم بمنزلة ما لو شاركه على ذلك ابتداء، ووجب أن تفسخ الشركة بينهما إلا أن يفوت بالبذر فيكون لكل واحد منهما ما أنبت قمحه على القول بأن الزرع في المزارعة الفاسدة لصاحب البذر، ويكون الزرع بينهما على القول الآخر ويتعادلان في قيمة ما أخرج كل واحد منهما من الطعام اشتراه من السوق أو جاء به من داره، واستدلاله على الفرق بين الوجهين بما ذكره من الضمان لا يصح، إذ لا فرق بينهما في الضمان أيضا وإن تلف بعد أن عرضه على صاحبه فرضيه وأجازه لكانت مصيبته منهما على قياس القول بأن الزرع بينهما ومن صاحبه الذي جاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015