بعض الروايات فيها في العارية والصانع، وقال أشهب هاهنا في العارية والرهن: وكذلك يلزم على قياس ذلك في الصانع، وقد حكى ابن أبي زيد في المختصر عن أشهب في الصانع يشترط أن لا ضمان عليه: إن شرطه جائز ولا ضمان عليه، فيلزم على قياس قوله مثله في العارية والرهن؛ لأنه إذا لزم الشرط في الصانع فأحرى أن يلزم في المستعير؛ لأن المعير إذا أعاره على أن لا ضمان عليه فقد فعل المعروف معه من وجهين، فالأظهر إعمال الشرط وما لإسقاطه وجه إلا أن يكون ذلك من باب إسقاط حق قبل وجوبه، فلا يلزم على أحد القولين.
وقد يحتمل أن يفرق على مذهبه بين الصانع والمستعير أن الأصل في الصناع أنه لا ضمان عليهم لأنهم أجراء، وإنما ضمنوا لمصلحة العامة، والأصل في العارية عنده الضمان «لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لصفوان بن أمية: "عارية مضمونة مؤداة» ؛ لما سأله عما استعاره منه من السلاح والأداة، هل هي مضمونة أو مؤداة؟ ألا ترى أنه يضمن المستعير.
وإن قامت البينة على التلف فرأى إعمال الشرط في الصانع؛ لأنه اشترط ما هو الأصل، ولم ير إعماله في العارية؛ لأنه اشترط خلاف الأصل، والأول أظهر؛ لأنه اختلاف من قوله، وإلا فرق في ذلك بين الصانع والمستعير، إذ قد روى عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «ليس على المستعير ضمان» ، وإذا وجب على المستعير ضمان