ومن كتاب أوله باع شاة قلت لابن القاسم: فالرجل يستعير العارية مما يغيب عليه مثل الثوب أو الفأس أو المنشار أو غير ذلك فيأتي به مكسورا فيقول انكسر في الذي أعرتنيه، هل يصدق في ذلك؟
قال: لا يصدق فيه، وهو ضامن، وقال ابن وهب مثله، قال عيسى: لا ضمان عليه إذا أتي بذلك بما يشبه، ويرى أنه إنما انكسر في العمل؛ لأن ذلك لا يخفى.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة يتحصل فيها أربعة أقوال: أحدها: قول ابن القاسم وابن وهب هذا أنه لا يصدق إذا أتى به مكسورا في أنه انكسر في الشيء الذي أعاره إلا أن يأتي على ذلك بالبينة، وهي رواية ابن أبي جعفر الدمياطي عن ابن القاسم أيضا.
والثاني: أنه يصدق إذا أتى من ذلك بما يشبه، وهو قول عيسى بن دينار، ومثله حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وأصبغ، واختاره، غير أنه رأى من محاسن الأخلاق أن يصلحه.
والثالث: قوله في المدونة في السيف: إنه لا يصدق إلا أن يكون له بينة أنه كان معه في اللقاء.
والرابع: قول سحنون: أنه لا يصدق إلا أن يكون بينة أنه ضرب به في اللقاء ضربا يجوز له، وهذا أبعد الأقاويل.
وأولاها بالصواب قول عيسى بن دينار الذي اختاره ابن حبيب أن يصدق إذا أتى من ذلك بما يشبه، ويرى أنه إنما انكسر في العمل الذي أعاره فيه، يريد: مع يمينه، والله أعلم، وبه التوفيق.
من نوازل سئل عنها عيسى بن دينار وسئل عيسى: عن الجدار يكون بين الدارين لأحد الرجلين