فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» . ومعنى قوله عندهم من حمله فليتوضأ أي ليتوضأ إذا أراد أن يحمله كي يصلي عليه إذا حمله، لا أن حمله ينقض طهارة من كان متوضئا.
مسألة وسئل مالك عن الرجل المسلم يهلك أبوه وهو كافر، افترى أن يعزيه به فيقول: آجرك الله في أبيك؟ قال لا يعجبني أن يعزيه به، لقول الله تعالى في كتابه العزيز {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] . فلم يكن لهم أن يرثوهم وقد أسلموا حتى يهاجروا، ومنعهم الله الميراث - وقد أسلموا حتى يهاجروا.
قال محمد بن رشد: ما ذهب إليه مالك في هذه الرواية من أن المسلم لا يعزى بأبيه الكافر، ليس ببين؛ لأن التعزية بالميت تجمع ثلاثة أشياء: أحدها تهوين المصيبة على المعزى وتسليته منها، وتحضيضه على التزام الصبر، واحتساب الأجر، والرضى بقدر الله، والتسليم لأمره. والثاني الدعاء له بأن يعوضه الله من مصابه جزيل الثواب، ويحسن له العقبى والمئاب. والثالث الدعاء للميت والترحم عليه، والاستغفار له، فليس تحظير الدعاء للميت الكافر، والترحم عليه، والاستغفار له، لقوله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113]- الآية - بالذي يمنع من تعزية ابنه المسلم بمصابه به، إذ لا مصيبة على الرجل أعظم من أن يموت أبوه الذي كان يحن عليه، وينفعه في دنياه - كافرا، فلا يجتمع به في أخراه، فتهون عليه مصيبته، ويسليه منها، ويعزيه فيها بمن مات للأنبياء الأبرار - عليهم