مرض فدبر بعضهم قبل بعض وعليه دين، بيع الآخر فالآخر في الدين، فإذا استوعب الدين رجع إلى الأول فالأول فعتق ما حمل الثلث ورق ما بقي.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة من أن المدبر في الصحة أو في المرض يبدأ في الثلث الأول منهم فالأول، وإذا بدئ الأول فالأول وجب على قياس ذلك أن يباع الآخر فالآخر في الدين على ما قال في هذه الرواية.
وسحنون يقول: إن التدبير في الصحة وإن كان شيئا بعد شيء فهو بمنزلة ما لو دبرهم في كلمة واحدة؛ لأن له أن يعتق بعد تدبيره ويهب ويتصدق ولا يمنع ولا يقال له: أدخلت الضرر على المدبر، وأما إذا كان التدبير في كلمة واحدة في الصحة أو في المرض أو في الوصية بعد الموت فلا يبدأ أحد منهم على صاحبه ولا يسهم بينهم، وإنما يعتق من كل واحد منهم ما حمل الثلث من جميعهم، وكذلك إن كان عليه دين يباع من كل واحد منهم بالحصص ما نابه من الدين، اتفقت قيمتهم أو اختلفت، مثال ذلك أن يكون له ثلاثة مدبرون في كلمة واحدة قيمة أحدهم مائة، والثاني مائتان، والثالث ثلاثمائة وعليه دين مائة، فيباع من كل واحد منهم سدسه، وكذلك إن كانت قيمتهم سواء مائتان مائتان وعليه دين مائة يباع من كل واحد منهم سدسه، ولو كانت قيمة كل واحد منهم مائة مائة وعليه دين مائة لبيع من كل واحد منهم ثلثه، بخلاف الموصى بعتقهم والمبتلين في المرض، هؤلاء يقرع بينهم فيمن يباع منهم في الدين وفيمن يعتق منهم بعد الدين على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، ولابن نافع في المدنية أنه يقرع بين المدبرين كما يقرع بين الموصى بعتقهم وبين المبتلين، وقد مضى هذا في رسم الصلاة من سماع يحيى من كتاب العتق، وبالله التوفيق.