أنها تتهم إذا اشترتها من الذي باعتها منه أنها عملت معه على ذلك لتبرأ من الحنث فيكون لذلك وجه إذ قال في. المدونة وغيرها إن من حلف بحرية عبده أن لا يفعل فعلا فباعه ثم اشتراه أو وهب له إن اليمين ترجع عليه ويحنث بحريته إن فعل ذلك الفعل إلا أن يعود إليه بميراث، وقد مضى في رسم باع شاة من سماع عيسى ما فيه بيان هذا.
وأما قوله إنها إن ردت إلى المشتري قيمة العيب وحنثت فهو بعيد إذ لم تنتقل الجارية بذلك عن ملك المشتري فكيف تحنث البائعة بعتقها وهي في ملك غيرها، ووجه ذلك على ما فيه من البعد أن الرد لما كان قد وجب للمشتري بإقراره له بالعيب ولعله قد دلس له به كان إذا أخذ منه قيمة العيب كأنه قد ردها إليه ثم اشتراها منه ثانية بما بقي من الثمن بعد قيمة العيب، وبالله التوفيق.
مسألة قال أبو زيد: قيل لابن القاسم أرأيت لو أن مفلسا ورث أباه أو وهب له ماذا يكون للغرماء فيه؟ قال: إن ورثه لم يعتق عليه إذا كان الدين يحيط بماله، وكان الدين أولى به لأنه كشيء أفاده.
وأما ما وهب له فإنه يعتق عليه وليس لأهل الدين فيه شيء؛ لأنه لم يوهب له ليأخذه أهل الدين، وإنما أراد حين وهب له أن يعتقه، فإذا أخذه أهل الدين كان قد أضر به.
قال محمد بن رشد: أشهب يقول: إن العتق أولى به في الميراث كالهبة، وبه قال محمد بن المواز، ولا وجه للتفرقة بينهما، واعتلاله لوجوب عتقه في الهبة بأن الواهب لم يهبه إلا ليعتق لا ليأخذه أهل الدين اعتلال ضعيف، إذ لا يدري لعل الواهب إنما أراد رفق الموهوب له ليؤدي عنه ديونه من ثمنه، ولعله ممن يجهل أنه يعتق عليه، فلا يصح في المسألة إلا قولان،